My Blog List

Followers

الخميس، 25 فبراير 2010

الأولوية لله


الأولوية للة
بقلم : قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث
الأهرام 3 يناير 2010 

الإنسان الروحي يضع الله الأول في كل اهتماماته وفي كل عمله ولايسمح لأية اهتمامات ان تعوقه عن الله ومحبته وتنفيذ وصاياه‏,.‏ بل لا يجعل أية اهتمامات تحظي بالأولوية في حياته‏.
البابا شنودة الثالث
فهل أنت يا أخي لك اهتمامات أخري؟ إنه حسب اولوياتك يكون حماسك ويكون عملك وتكون إرادتك‏.‏

وسأضرب لك مثلا‏:‏ حينما تستيقظ من نومك كل يوم‏:‏ من يكون أول شخص تكلمه؟ وماذا تكون أول اهتماماتك؟ إن كنت إنسانا روحيا‏,‏ فسيكون الله هو أول شخص تكلمه في كل يوم‏.‏ حيث تبدأ يومك بالصلاة‏,‏ تشكر الله الذي منحك يوما جديدا‏,‏ وتقول له هب لي يارب في هذا اليوم ان فعل مايرضيك‏.‏
واعطني القوة علي ذلك وارشدني طول هذا اليوم غير ان غالبية الناس لا يفعلون ذلك بل يقوم الإنسان من نومه ليغسل وجهه‏، ويفطر ويعد ملابسه ويستعد للذهاب الي عمله كل ذلك دون ان يهتم بأن يبدأ اليوم بالصلاة أو بالقراءة الروحية أو بالتأمل وحسب اهتمامه يكون تصرفه‏,‏ والبعض يعتذر أحيانا ويقول لم يكن لي وقت للصلاة‏!‏ وهذا الكلام مرفوض وليس هو عذرا مقبولا‏,‏ وليس هو السبب الحقيقي‏.‏ فلو أن هذا الشخص وضع الصلاة والتأمل في قمة اهتماماته‏,‏ لأمكنه ان يجد لها وقتا‏.‏

يا أخي‏..‏ ليكن الله هو الأول بالنسبة لك في كل يوم وفي كل عمل‏,‏ فلكي يكون الله هو أول من تكلمه في كل يوم‏,‏ ليكن ايضا هو أول من تختم به يومك‏,‏ فتصلي أيضا قبل أن تنام لكي يحفظك الله ايضا في نومك‏,‏ وليكن الله ايضا هو الأول في كل عمل تعمله تصلي ليمنحك الله قوة ونعمة ويبارك يومك ويبارك عملك‏.‏ ويباركك في دخولك وفي خروجك‏..‏ فإن وضعت الله في الأولوية باستمرار‏,‏ فإنك لن تخطيء إليه‏.‏ ذلك لأن الله سيكون فوق كل رغباتك العالمية‏,‏ وفوق كل لذة أرضية ويكون الله أمامك باستمرار‏,‏ والعالم خلفك ذلك لأن الإنسان يخطيء إن لم يكن الله أمامه‏,‏ ولم يسبق فيتذكره قبل كل سقوط‏.‏   

الوضع الطبيعي في تقييم كل اهتماماتك هو أن يكون الله اولا‏,‏ ثم الناس‏,‏ وواجباتك الروحية نحوهم‏,‏ وأخيرا تكون نفسك‏,‏ وفي العهد القديم كانت هناك وصية هي وصية البكور‏,‏ فكل مايصل إلي الإنسان يضع باكورته أي أوله لله‏,‏ سواء كان ذلك من خيرات أرضه‏,‏ أومن نتاج غنائمه وبهائمه ومن ثمار أشجاره بل حتي ابنه البكر كان يهبه لخدمة الله ايضا‏.‏ وحينما كان أي شخص يحصد ثمار الأرض‏,‏ كان يقدم لله أول حزمة من الحصيد‏,‏ وهكذا كان الله يبارك له في كل شيء‏,‏ أما الآن فما أسهل أن يقدم الموظف أول مرتب له لله وأول علاوة‏.‏ كما يقدم الحرفيون أول ثمر عمل لهم لله أيضا فيبارك الله أعمالهم‏.‏

وما دام محبة الله تكون هي الأولي حتي قبل محبة الابن‏,‏ فإننا نري عملا مثاليا قام به أبونا إبراهيم أبو الآباء والأنبياء حينما قدم ابنه ذبيحة لله ولم يضع مشاعره القلبية الأبوية عائقا امام الوصية الإلهية‏,.‏ فكافأه الله بإحياء ابنه ومباركة نسله‏,.‏ وهكذا نجد الوصية التي تتابعنا وهي تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك‏.‏ ثم الوصية الثانية التي هي مثلها تحب قريبك كنفسك‏.‏ وقريبك هنا تعني كل أخ لك في الإنسانية أي من نسل آدم وحواء‏.‏

حتي النفس لايكون لها الاهتمام الأول قبل الله نقول هذا لأنه قد يصل اهتمام الإنسان إلي ان يرتبط بغرض ما محوره النفس‏,‏ ويكون هناك الغرض لاثبات الذات ووجودها‏,‏ أو لارتفاع الذات بطريقة ما‏.‏ في سبيل الوصول الي هذا الغرض‏,‏ لا يهتم بالوسيلة ماذا تكون‏,‏ روحية أو غير روحية‏.‏ ولايهمه أن تكون حيلا بشرية أو عالمية أو طرقا خاطئة‏,.‏ بل تركيز الاهتمام كله في الوصول الي غرض النفس‏,‏ حتي لو ضيع هذا الإنسان نفسه‏!!‏ إن الإنسان الروحي يخرج من دائرة الذات لكي يهتم بالآخرين ويهتم بهم بأسلوب روحي‏.‏ لأنه بهذا يرضي الله الذي جعله في مقدمة اهتماماته‏.‏

ويكون الله ايضا هو الأول من جهة الطاعة‏.‏ إذ ينبغي ان يطاع الله اكثر من الناس‏.‏ وصايا الله أولا وبعد ذلك كل مايطلبه الناس‏.‏ وبعد إذن كل رغباتنا وطلباتنا الخاصة‏.‏ وكل طاعة للناس نجعلها في نطاق طاعة الله‏.‏ أما إن تعارضت معها فينبغي أن يطاع الله أبونا‏.‏ حتي القلب لا نطيعه ولاتقاد لمشاعره‏.‏ لأن القلب ينبغي ان يكون لله أولا وقبل كل شيء‏.‏ فإن خرجت مشاعره عن طاعة الله‏,‏ فإنها تفقد أهميتها‏.‏   

ينبغي ان يكون لله أولا في عناية الأسرة بأطفالها فالذي نراه الآن هو أن الأب والأم يجعلان اهتمامهما الأول من جهة تربية أطفالهما ورعاية مستقبلهم‏..‏ فهم يهتمون بصحة أولادهم‏,‏ وأكلهم وشربهم ولبسهم‏,‏ وأيضا بتعليمهم واعدادهم لوظيفة لائقة‏,‏ ثم بعد ذلك بتزويجهم وكل هذا حسن وواجب‏,‏ ويقول الأب بعد ذلك وتقول الأم ايضا أشكرك يارب أنني أديت رسالتي نحو أبنائي‏.‏ وقد استراح ضميري من جهتهم‏.‏ وللأسف‏..‏ لاتضع الأسرة اهتمامها الأول بالتربية الروحية ومصير الأبناء الأبدي‏!!‏ فلا يعطونهم الغذاء الروحي اليومي‏,‏ مثلما يعطونهم غذاءهم الجسدي‏!‏وقد يكبر الطفل ويصير مشاكسا ومتعبا لأمه وأبيه وهكذا يجنون ثمار الخطأ في عدم الاهتمام بحياته الروحية أولا وقبل كل شيء‏.‏   

نسأل أيضا عن حقوق الله في مالك‏,‏ من جهة العطاء الذي نقدمه للمحتاجين‏.‏ قد يهتم البعض بكل إنفاقاته الأخري‏,‏ ويضع حقوق الله في آخر القائمة‏.‏ إن بقي لله شئ ـ كان بها ـ وإن لم يبق شيء نعتذر لله أو نؤجل حقوقه‏!‏ وذلك بأن الله ليس هو الأول فيما ننفقه من المال‏.‏   

كذلك في خدمة الشباب قد نهتم بالأنشطة الكثيرة وليس بالعمل الروحي‏.‏ فالنادي مثلا‏:‏ قد نهتم بمكانه وترتيبه‏,‏ وماتوجد فيه من ألعاب‏,‏ ومن أنشطة رياضية وتسليات‏,‏ وقد نهتم بتنظيم الكارنيهات والمواعيد والمسابقات وفرق التمثيل والكورال‏.‏ ولا نهتم إطلاقا بالعمل الروحي‏.‏ وفي ذلك نجد النوادي في ضوضائها وفي أخطائها لا تعطي الصورة الروحية النافعة‏!‏

كُن أول من يُعلق

إرسال تعليق

  ©Template Blogger Elegance by Dicas Blogger.

لأعلي