My Blog List

Followers

الأحد، 14 مارس 2010

المحبة الضارة


المحبة الضارة
بقلم : قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث
الأهرام 14 مارس 2010
علي الرغم من أن المحبة فضيلة كبري‏ إلا أنه توجد محبة ضارة‏.‏
ولعل من أسباب المحبة الضارة‏ أن تكون بغير حكمة‏،‏ أو بعيدة عن الروحيات‏،‏ او تتصف بالذاتية، أو تتعارض مع وصايا الله‏.
وسنتكلم في هذا المقال عن أنواع من هذه المحبة الضارة‏...

البابا شنودة الثالث‏ لايستطيع احد منا ان ينكر محبة الأم‏‏ حتي انه يضرب بها المثل في الحنان وفي عمق المحبة‏‏ ومع ذلك يمكن ان أما تحب ابنها بطريقة ضارة‏‏ ومن أمثلة ذلك تدخلها في زواج ابنها وبعد زواجه‏،‏ هذا مع الابن ومع الابنة‏:‏ إما في الاسراع بالتزويج قبل النضوج او قبل التوافق‏..‏ او اختيار زوج تظن فيه الام انه صالح لابنتها‏‏ فتدفعها الي الزواج به دفعا‏ ويكون في ذلك ضرر لها طول الحياة‏..‏ ومن المحبة الضارة ان تتدخل الام في الحياة الزوجية لابنها‏ وهي تظن انها تفعل ذلك إشفاقا عليه‏ بينما تحطم حياته الزوجية‏.‏
ومن أساليب المحبة الضارة‏‏ المديح الضار الذي يقود احيانا الي الغرور‏، وإلي حسد الآخرين ومتاعبهم‏.‏ وإعلان ذلك المديح يكون بغير حكمة‏.‏
ويماثل المديح الخاطئ في ضرره‏ الدفاع عن الأخطاء بدافع من الحب الخاطئ‏ هذا الدفاع يجعل المخطئ يثبت في أخطائه‏ وقد يؤدي ذلك الي هلاكه‏.‏ ولاشك ان مبرئ المذنب هو مثل مذنب البريء‏,‏ في ان كليهما ضد الحق‏.‏
وقد يحدث الدفاع عن الاخطاء في جو الاسرة والأصدقاء‏,‏ او في تملق الملوك والزعماء‏,‏ او في مجال المخطئين دينيا‏.‏ إنها محبة خاطئة‏،‏ بل محبة ضارة‏.‏ سواء كانت عن ثقة واقتناع‏،‏ او عن تملق رخيص‏.‏
ومن ألوان المحبة الخاطئة تسهيل الشر‏ مثال ذلك طالب يقوم بتغشيش زميله في الامتحان بدافع من الشفقة والمحبة‏!‏ أو طبيب يكتب شهادة مرضية وهمية‏....!‏ أو صديق يشهد شهادة زور تأييدا لصديقه،‏‏ أو محاسب يساعد ممولا علي اختلاس حقوق الدولة في الضرائب‏، أو استاذ باسم الرحمة او المحبة يخفض المقرر لتلاميذه‏‏ ويقدم لهم في الامتحان أسئلة تافهة لكي ينجحوا ولم ينالوا من العلم شيئا‏... وينضم الي هذا البند ايضا النصح الخاطئ‏.‏
ومن أمثلة المحبة الضارة‏ أن أبا يحب ابنا له اكثر من بقية ابنائه‏.‏ فيثير فيهم عن عوامل الحسد ضد أخيه‏.‏ ومن أمثلته ايضا الذي يتزوج امرأتين‏,‏ ولا يكون عادلا بينهما في المحبة‏.‏
ومن ألوان المحبة الضارة الاستحواذ اي المحبة التي تحبس محبوبها في حيزها الخاص‏ ،‏ كالأم التي تمنع ابنها من سفر بعيد يفيده جدا‏،‏ لأنها تريده الي جوارها وبهذا تضره وتضيع مستقبله بسبب محبتها الضارة‏،‏ وكثيرا ماتحدث أمثال هذه المشاكل في محيط الحياة الزوجية او الحياة العائلية بصفة عامة‏‏ مثل الزوج الذي تدعوه أنانيته في محبته الي التضييق علي زوجته في الدخول والخروج‏، وفي الكلام وفي الابتسام‏، وفي الزيارات وفي اللقاءات‏.‏ كمن يحبس عصفورا في قفص‏,‏ ويمنعه من الطيران‏,‏ ليصير له وحده‏,‏ ويغني العصفور له وحده‏!‏ ولاتهمه حرية العصفور في شيء‏،‏ وفي تضييق الرجل علي امرأته بسبب محبته الانانية لها‏,‏ يجمع الرجل بين نقيضين‏:‏ الحب والقسوة‏!!‏
ونفس الوضع بالنسبة الي الزوجة التي تضر رجلها بمحبتها‏,‏ فتضيق عليه الخناق ايضا‏ ،وتكثر من أسئلتها وتحقيقاتها حول مواعيده ومقابلاته وعلاقاته‏ بطريقة تصيبه بالضجر والضيق النفسي‏.‏ وتصيبها هي بالشك والقلق والخوف‏..‏ وكل ذلك باسم الحب‏!!‏ . ومحبة الاستحواز قد توجد ايضا في محيط الاصدقاء‏‏ فباسم المحبة يريد الشخص من صديقه ان يتحيز له‏ فيصادق من يصادقه ويعادي من يعاديه‏‏ وهكذا يضره من جهة علاقاته ومن جهة روحياته‏...‏ وأحيانا يضيع وقت هذا الذي يحبه‏‏ وباسم المحبة اذ يشغل وقته‏‏ وكثيرا مايؤثر ذلك علي دراسته او عمله فيضره‏!‏
ومن المحبة الضارة‏ أنها تتركز احيانا في الجسد‏‏ وتتحول الي شهوة‏‏ وللأسف قد يسميها البعض حبا بينما هي شهوة‏ تضر نفسها‏ وتضر من تحبه ايضا‏‏ سواء الضرر الروحي‏ أو ما يصاحبه من أضرار اخري‏ .‏ 

ومن المحبة الضارة المحبة التي تشفق علي الجسد وتضر الروح‏ ،‏ كأم تشفق علي ابنها‏ ، وتمنعه من الصوم حرصا علي صحة جسده‏ . 
ومن مظاهر المحبة الخاطئة التدليل‏ وفيه الشفقة الزائدة والانفاق الزائد علي الحاجة وتقديم انواع المتع العديدة‏ وعدم فرض عقوبة مهما كان الذنب‏ او تكون العقوبة نوعا من التوبيخ الهادئ جدا الذي لايمكن ان يروع احدا فيستمر الخطأ‏.‏
ومن ألوان المحبة الضارة‏ : محبة المريض لما يزيد مرضه كمريض بالسكر يحب الحلويات‏، او مريض بالكوليسترول يحب الدهنيات‏، أو شخص يحب المخدرات ولايقدر علي الامتناع عنها وكل هذا يضره‏ ،‏ وكل من هؤلاء يضر نفسه دون ان يضره غيره‏..‏
وبالمثل شخص لمحبته الخاطئة لنفسه يكثر من الافتخار ومديح نفسه بطريقة تنفر الناس منه‏ ..

او انسان بخيل يحب المال ويكنزه وينمي رصيده‏,‏ بأسلوب يبخل به علي نفسه وعلي المحيطين به‏,‏ فيضر نفسه ويضرهم‏.‏
وهناك محبة اخري للمرضي تضرهم‏ ، كأن يزورهم شخص يحبهم‏ فيبقي الي جوارهم مدة طويلة يتحدث إليهم‏ وهم صحيا في حاجة الي الراحة‏ وبكلامه معهم لايعطيهم فرصة للاتصال بالله أثناء مرضهم‏ ،‏ أو من المحبة للمريض‏ خداعه في نوع مرضه‏‏ فلا يهتم بأبديته ومايلزمه من التوبة‏ ،‏ او بتقديم متع للمريض أثناء مرضه يمكن أن تضره‏.‏
وربما إنسان يحب شخصا فيضيع سمعته‏.‏


المزيد من مقالات بقلم : البابا شنودة الثالث

كُن أول من يُعلق

إرسال تعليق

  ©Template Blogger Elegance by Dicas Blogger.

لأعلي